ربما لاحظت من قبل أن الطائرات التجارية نادرًا ما تحلق مباشرة فوق المحيط الهادئ، رغم أنه يبدو أقصر طريق بين آسيا وأمريكا. هذا الأمر ليس صدفة، بل له أسباب علمية وتقنية واستراتيجية. في هذا المقال، سنشرح لك لماذا تتجنب الطائرات هذا المسار، وما الأسباب التي تجعل شركات الطيران تفضل طرقًا بديلة رغم طول المسافة.
أسباب تمنع الطائرات تحلق فوق المحيط الهادئ
1- شكل الأرض يؤثر على مسار الرحلة
الأرض ليست مسطحة، بل كروية الشكل، وعندما ترسم خطًا مستقيمًا على الخريطة بين مدينتين، فهو ليس بالضرورة أقصر مسار في الحقيقة. الطائرات تسلك ما يُعرف بـ "المسار القطبي" أو "المسار القوسي"، وهو أقصر من الناحية الفعلية بسبب انحناء الأرض. لذا، بدلًا من الطيران فوق المحيط الهادئ مباشرة، تتجه الطائرات إلى أقرب نقطة عبر القطب الشمالي أو المناطق اليابسة.
2- السلامة لا مجال للمخاطرة فوق المحيط
المحيط الهادئ هو أكبر محيط في العالم، ويضم مساحات شاسعة من المياه بدون أي مطارات بديلة أو نقاط إنقاذ قريبة. في حال حدوث عطل مفاجئ أو اضطرار لهبوط طارئ، فإن الطيران فوق المحيط الهادئ يعرّض حياة الركاب للخطر لعدم وجود مكان قريب للهبوط. وبالتالي، شركات الطيران تفضّل المرور فوق مناطق مأهولة أو قريبة من المطارات لتوفير خيارات طوارئ أكثر أمانًا.
3- عوامل الطقس والاضطرابات الجوية
المحيط الهادئ يشتهر بالعواصف المدارية، والتيارات الهوائية القوية، خاصة ما يُعرف بـ تيار النفاث (Jet Stream). هذا التيار قد يسبب اضطرابات هوائية عنيفة تؤثر على الراحة والأمان، لذلك تختار شركات الطيران طرقًا تقلل التعرض لهذه التيارات.
4- كفاءة استهلاك الوقود
الطيران في مسارات مختارة بعناية فوق اليابسة أو المسارات القطبية غالبًا ما يكون أكثر كفاءة في استهلاك الوقود من الطيران فوق المحيط الهادئ مباشرة. خطوط الطيران تعتمد على حسابات معقدة لتقليل استهلاك الوقود وتوفير التكاليف، وهو ما يؤثر على اختيار المسار.
5- القوانين والمجال الجوي
هناك قيود على المجال الجوي في بعض المناطق، بالإضافة إلى القواعد الدولية للطيران فوق المياه الدولية، والتي قد تفرض قيودًا على الطائرات التجارية. كما أن التغطية الرادارية فوق المحيط محدودة مقارنة بالمناطق اليابسة، ما يصعّب من تتبع الطائرات بدقة أثناء الرحلة.
6- الطيران فوق القطب الشمالي كبديل
بعض الرحلات من أمريكا إلى آسيا تمر فوق القطب الشمالي وليس المحيط الهادئ، وهو ما يبدو غريبًا على الخريطة المسطحة، لكنه في الواقع أقصر وأسرع. المسارات القطبية أصبحت شائعة بسبب تطور التكنولوجيا في الملاحة والتحكم بالطائرات في درجات حرارة منخفضة.
في النهاية تجنب الطيران فوق المحيط الهادئ ليس مجرد قرار عشوائي، بل ناتج عن دراسات علمية وهندسية تأخذ في الاعتبار السلامة، الكفاءة، الطقس، والتكلفة. في النهاية، شركات الطيران تبحث دائمًا عن أقصر طريق آمن وأقل تكلفة، حتى لو بدا أطول على الخريطة.
