كيف تعامل رؤساء مصر تجاه إقامة إثيوبيا للسدود على نهر النيل

إن قيام إثيوبيا بإنشاء سد النهضة، ليس وليد الصدفة، بل منذ زمن طويل وإثيوبيا تسعى لإنشاء سدود على نهر النيل، ولكن هل من العيب أن تنشئ دولة ما سداً، وتسعى أن تتقدم من خلال هذا الإنشاء؟

بالطبع لا، لكل دولة الحق في إنشاء السدود على الأنهار وتنمية نفسها، ولكن من العيب قيام الدولة بإنشاء سدود أو مشروعات من شأنها أن تؤثر على حصة مياه الدول الأخرى المجاورة لها، وبهذا قد تكون انتهكت الإتفاقيات الدولية.

ومن الغريب أن نلاحظ أن إثيوبيا دائماً تنتهز فرصة فوضى ما تحدث في مصر، فتعمد إلى إنشاء مشروع على النيل، من شأن هذا المشروع التأثير على مياه دول المصب في نهر النيل.

ولكن كانت القيادة السياسية في مصر، تعلم ما تفعله إثيوبيا، ويبين لنا التاريخ كيف تعامل رؤساء مصر حول مشاريع إثيوبيا المنتهكة للاتفاقيات الدولية.

جمال عبد الناصر

فإذا ذهبنا إلى حقبة الخمسينيات من القرن العشرين، نرى أن إثيوبيا انتهزت حدوث شىء هاماً في مصر، وقامت بإنشاء مشاريع على النيل، والحدث التي استغلته إثيوبيا هو قيام ثورة يوليو المجيدة عام 1952 وانشغال مصر بمعركة جلاء المستعمر البريطاني، ولكن سرعان ما تنبه الرئيس جمال عبد الناصر للأحباش وما يفعلوه، وأرسل جمال عبد الناصر خطاباً مع محمود فوزي وزير الخارجية المصري، جاء فيه: «بسم مصر حكومة وشعباً وجيشاً، نطالب بوقف الأعمال الإنشائية الخاصة بالسد على مجرى نهر النيل، الذي يجري في دماء المصريين، مما يعد تهديداً لحياتهم، مما يدفع مصر لتحرك غير مسبوق في التاريخ، فتنهمر على إثيوبيا جحافل من الخليج إلى المحيط».

فلم يكن أمام الإمبراطور الاثيوبي، هيلا سيلاسي، إلا إستشارة البيت الأبيض حول هذا التهديد، ويعلم منهم ماذا يفعل، فما كان من الإدارة الأمريكية أنها نصحته بأن لا يتهاون بتهديدات جمال عبد الناصر، ونتيجة لذلك قرر الإمبراطور الحبشي إيقاف إنشاء السد، وهكذا كان رد عبد الناصر الحاسم لمن يفكر في مد يده على حقوق الدولة المصرية.

أنور السادات

وإذا ذهبنا إلى سبعينيات القرن العشرين، في عهد الرئيس محمد أنور السادات، أخبرت المخابرات العامة المصرية السادات أن إثيوبيا تقوم بإنشاء سدود على النيل، ويساعدها في ذلك مهندسين صهاينة.

وكان تصرف الرئيس السادات ذكي جداً، فقام بتقديم شكوى ضد إثيوبيا في الأمم المتحدة أنها تنتهك الحقوق الدولية، وهذا ما أنكرته أديس أبابا، ونتيجة لذلك كلف الرئيس السادات ست طائرات دكت أساسات هذه السدود، وعلى هذا اشتكت إثيوبيا مصر في الأمم المتحدة، فكان رد السادات «سدود ايه، الم تنفي إثيوبيا لكم وجود أية سدود».

ونلاحظ هنا أن إثيوبيا انتهزت فرصة وفاة الزعيم عبد الناصر، نظراً منها أن مصر ستنقسم بين الناصريين وأتباع الرئيس الجديد، ولكن كانوا مخطئين.

في عهد مبارك

وفي عهد الرئيس محمد حسني مبارك، حاولت إثيوبيا من حين لآخر إنشاء مشاريع على النيل، وضم بعض دول الحوض في اتفاقيات لصالحها مثل إتفاقية عنتيبي، وكان مبارك حازماً تجاه سياسات إثيوبيا، وأعلن أن المساس بمياه مصر خط أحمر.

وسرعان ما انتهزت إثيوبيا الفوضى المصرية في يناير 2011، وانتهزت إثيوبيا فرصة المشاكل التي حدثت وتنحي الرئيس مبارك عن الحكم، وقاموا بوضع حجر أساس سد النهضة، وأصبح السد أمر واقع.

محمد مرسي

ونتيجة لما فعله محمد مرسي، حينما دعا إلى مؤتمر مع التيارات السياسية المصرية، وتم بث هذا المؤتمر على الهواء، اضعف هذا موقف مصر في قضية سد النهضة، فكانوا بكل سذاجة يعرضون اجتماعهم على الهواء، ويخططوا فيه ضد إثيوبيا، وهذا كله اضعف موقف مصر، وجعل الأمر صعب أكثر مما كان.

عدلي منصور

وصرح الرئيس عدلي منصور بعد ذلك أن مصر مع التنمية، ولكن السد يمثل خطورة كبيرة، ويجب على إثيوبيا أن تتفهم هذا.

عبد الفتاح السيسي

وعندما استلم الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، كان السد قد وصل إلى 55٪ من بنائه، وازداد الأمر صعوبة نتيجة لفوضى 2011، وسياسة محمد مرسي والتيارات السياسية المصرية.

ومن المحزن أن نرى بعض الناس يتهمون الرئيس السيسي بأنه السبب في مشكلة سد النهضة، وأنه أضاع حق مصر، هذا محزن ومثير للسخرية أيضاً، لم يكن للسيسي أي ذنب في هذه المشكلة.

ودائما ما نرى لجان العدو وغلمان الجماعة، يصورون أن السيسي قد باع المياه المصرية في اتفاق المبادئ 2015، ولكن هل رأوا نصوص اتفاق المبادئ حقا؟

عام 2015 وحينما وصل السد إلى 55٪ من إنشائه، تم إعلان إتفاق المبادئ (السيسي – البشير – ديسالين) بين مصر وإثيوبيا والسودان، وأهم ما تضمن هذا الاتفاق من نصوص: هو التعاون في تشغيل السد،الإستخدام المنصف والعادل والمناسب، التعاون في إدارة السد وخفض نسبة التخزين في البحيرة.

وإن كانت إثيوبيا انتهكت الإتفاقيات الدولية، ومن بعد ذلك نراها تنتهك إتفاق المبادئ إلا أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تتحلى بضبط النفس، والصبر أمام سياسات إثيوبيا الاستفزازية لمصر، وبكل تأكيد لن تفرط القيادة السياسية ممثلة في عبد الفتاح السيسي في نقطة مياه من مياه مصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.