يتبادرُ إلى عقول بعض الناس عند ذكر اسم أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين، أنه شخصٌ رقيقٌ لينٌ.
وهذا ما ينتهزه بعض المغرضون من ما يُقال من البعض على لين شخصية أبي بكر الصديق، وهناك من الناس من لا يفهم الصورة جيداً عن هذه الشخصية العظيمة، فيقولون إنه كان شخصٌ لينٌ رقيقُ القلب.
نتيجة لما يتم ترديده من بعض الناس الذين فهموا الشخصية بشكل خاطئ، كونَ عند البعض فكرة أنه لم يكن من الأفضل تولي أبو بكر الصديق خلافة المسلمين، وهذه الفكرة استغلها البعض.
ولكن في حقيقة الأمر لم يكن هناك أفضل من أبي بكر الصديق لتولي أمر المسلمين بعد وفاة النبي (ص)؛ وذلك لأسباب عديدة: أنه كان أقرب الصحابة لرسول الله (ص)، وأقرب الناس سناً لرسول الله (ص)، كما أن رسول الله (ص) جعله إماماً للمسلمين أثناء مرضه.
كل هذه الأسباب وغيرها توفرت لدي صديق الأمة أبي بكر، ولذا كان هو الشخص الأنسب لخلافة المسلمين ، وعلى هذا بايعه عامة المسلمين.
أما من يظن أن أبو بكر الصديق شخصاً ليناً، رقيق القلب، ليس بالشديد، فهو بذلك لم يدرس الأحداث في عهد ذلك الرجل، فهذا الرجل اللين هو الذي قضى على فتنة من أعظم الفتن، كانت هذه الفتنة كفيلة للقضاء على الدين الإسلامي الحنيف، ألا وهي فتنة المرتدين.
فنجد ذلك الرجل العظيم، الذي يظنونه لين، يتخذ قراراً في غاية الخطورة، خشي منه الكثير من الصحابة، وهو قتال المرتدين في وقت واحد، وإن بعض الصحابة أشاروا عليه أن يترك الذين امتنعوا عن دفع الزكاة، ويقاتل الذين ارتدوا ارتداداً كاملاً، وادعوا النبوة، إلا أنه كان شديد العزم على قتال كل من ارتد، وقال: «والله لو منعوني عقال بعير، كانوا يؤدونه لرسول الله (ص)، لقاتلتهم عليه». البداية والنهاية. وقال: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة». صحيح مسلم.
وعلى ذلك قرر أبو بكر الصديق محاربة المرتدين بكل ما أوتي من قوة، وكان النصر حليفاً للمسلمين، وشاء الله أن تتوحد جزيرة العرب على عبادة الله الواحد من جديد.
وهذا الرجل اللين أيضاً، هو الذي في عهده بدأت الفتوحات الإسلامية في العراق والشام، ودخل في جبهات قتال مع أقوى دولتين في العالم في ذلك الوقت، وكان دائماً النصر حليفاً للمسلمين.
أما عن لينه ورقته، فهو كان لين مع عامة المسلمين، يأخذ الناس بالحلم واللين، لا بالشدة والقسوة، ولكن لا يتهاون في تنفيذ الحق.
فهذا هو الصديق أبي بكر، الذي نرى تطاول عليه من البعض، ونرى فهم خاطئ لشخصيته العظيمة لدى البعض.